logo blog

المرافعة في حق المتهم الغائب

قسم المشرع الأحكام الجزائية إلى ثلاثة أنواع: حضوري، وحضوري بالاعتبار، وغيابي. فالحضوري هو الذي يصدر بوجود المتهم في جلسة التصريح بالحكم، أما الحضوري بالاعتبار فهو الذي يصدر دون وجود المتهم في جلسة التصريح بالحكم رغم انه استلم الاستدعاء شخصيا أو سبق له أن حضر في جلسة سابقة، أما الغيابي فهو الذي يصدر دون وجود المتهم في جلسة التصريح بالحكم ولم يستلم هو الاستدعاء كما لم يسبق له أن حضر في أي جلسة[1]. ويترتب عن الاختلاف في نوع الحكم اختلاف في طرق وآجال الطعن[2]. كل هذا إذا صدر الحكم ولكن ماذا عن ممارسة حق الدفاع في حق متهم غائب، وهل يمكن أن يحضر المحامي بمفرده ويمارس حق الدفاع برمته وخاصة أن يرافع عن منوبه الغائب؟

قبل الإجابة لا بد من التذكير ان مفهوم الغائب في المحاكمة الجزائية لا علاقة له بالغياب المدني[3]، فهو غياب محدود في الشكل والمكان ويتمثل في عدم حضور جلسات المحاكمة الجزائية التي يختلف عددها من قضية لأخرى، نتيجة عدم العلم بالمحاكمة لعدم استلام الاستدعاء شخصيا، أو هروبا منها أو خوفا من نتائجها.

ويعتبر حضور المتهم أو المظنون فيه من الضمانات الهامة في تحقيق العدالة الجزائية وهي من الحقوق الأساسية المتفرّعة عن حق الدفاع. وقد كرس الفصل 141 م ا ج في فقرتيه الأولى والثانية مبدأ الحضورية إذ نص على أنه:  » على المظنون فيه الواقع تتبعه من أجل جناية أو جنحة تستوجب العقاب بالسجن أن يحضر شخصيا بالجلسة. ويمكنه في الجنح التي لا تستوجب العقاب بالسجن وفي كل الصور التي وقعت فيها مطالبته مباشرة من القائم بالحق الشخصي أن ينيب عنه محاميا. ويسوغ دائما للمحكمة أن تأذن بحضوره شخصيا إن رأت في ذلك فائدة ».

وقد استقر جريان العمل على تأويل هذا النص باتجاه منع المحامي من الدفاع عن منوبه الغائب، كلما تعلقت المحاكمة بجناية أو جنحة تستوجب عقابا سالبا للحريّة[4]. ورغم محاولة محكمة التعقيب في مناسبتين على الأقل تجاوز هذا التأويل والتخفيف من حدته بإقرارها إمكانية الدفاع كتابيا عن المتهم الغائب، حيث قررته أنه: « حيث جاء بمحضر الجلسة ما يفيد طلب الأستاذ الباهي تسجيل حضوره في حق المتهم وقدم تقريرا يتضمن مرافعته للمحكمة أرجع إليه. وحيث اكتفى الحكم المطعون فيه بتسجيل تلك الملاحظة ولم يتناولها فيما بعد بالتحليل وبالأحرى تعليل موجب رفضه للتقرير الكتابي المقدم إليه من لسان الدفاع. وحيث لئن اقر عمل المحاكم عدم السماح للمحامي الترافع في حق منوبه المتهم الذي لم يحضر بالجلسة لكن لا شيء يمنعه من تقديم مرافعته في شكل تقرير كتابي يناقش فيه التهمة وما يترتب عنها من المطالبة بالحقوق المدنية. وحيث تبين من جهة أخرى انه و لئن كان لا شيء يوجب على المحكمة قبول مرافعة المحامي الكتابية إلا أن رفضها لمطلبه و ترجيعها لتقريره بدون تعليل مستساغ يشكل قصورا في التسبيب بالإضافة إلى هضم  حقوق الدفاع الشرعية وهما سببان موجبان حتما للنقض ».[5] ». وأضافة في مناسبة ثانية أنه:  » اقتضى الفصل 141 م أ ج أن الاستعانة بمحام وجوبيه أمام المحكمة الجنائية، وحيث أنه و لئن لم يحضر المعقب (المتهم) بالجلسة رغم بلوغ الاستدعاء إليه شخصيا فقد استقر عمل المحاكم على عدم السماح للمحامي الترافع في حق منوّبه المتهم الذي لم يحضر بالجلسة لكن لا شيء يمنعه من تقديم مرافعته في شكل تقرير كتابي يناقش فيه التهم. »[6]. لكن محكمة التعقيب في قرارها الصادر تحت عدد21761 بتاريخ 3 جانفي 2008 عدلت حتّى عن إمكانية تقديم حجج كتابية من طرف المحامي في حق منوبه الغائب إذ اعتبرت: « ان عدم حضور المتهم عند المناداة عليه من قبل المحكمة بجلسة الحكم لا يمكن محاميه من الدفاع عنه و أن السعي لتقديم أصل الشيك و شهادة الخلاص من قبل المحامي في مغيب نائبه يعد وسيلة من وسائل الدفاع عنه لا يمكن قبولها… »[7].

ومن الثابت أن هذا التوجه القضائي غير مجدي، فالمرافعة من أهم الوسائل القانونية التي تسهل عمل المحامي وتساعده على القيام بواجب الدفاع[8]، خاصة وأن المادة الجزائية تخضع لمبدأ شفوية الإجراءات[9]. فحرمان محامي المتهم الغائب من ممارسة حق الدفاع بالمرافعة يعتبر في غير محله لا بل إنه غير قانوني ويتعارض مع الحقوق الأساسية للمتهم[10] وفيه خرق لضمانات المحاكمة العادلة وهو ما يثبت من غياب نص صريح يمنع المرافعة في حق المتهم الغائب (الجزء الأول)، بما يتأكد معه سمو حق الدفاع (الجزء الثاني).

الجزء الأول- غياب نص صريح يمنع المرافعة في حق المتهم الغائب

استنتج فقه القضاء من صياغة الفصل 141 من م ا ج الذي ينص انه على  المظنون فيه الواقع تتبعه من اجل جناية أو جنحة تستوجب عقابا بالسجن الحضور بالجلسة شخصيا، أنه لا يمكن ممارسة حق الدفاع دون حضور المتهم[11]. وهذا الربط بين ممارسة حقوق الدفاع وحضور المتهم بالجلسة اعتبر ترابطا لا يقبل التجزئة. لكن حرمان محامي المتهم الغائب من ممارسة حق الدفاع يعتبر في غير محله لا بل إنه غير قانوني ويتعارض مع الحقوق الأساسية للمتهم وفيه خرق لضمانات المحاكمة العادلة لأن فيه جزاء بغير نص (أ) وهو متعارض مع التأويل السليم للنصوص (ب).

أ- لا جزاء إلا بنص:

إن ما استقر عليه فقه القضاء من حرمان محامي المتهم الغائب من ممارسة واجبه في الدفاع هو تسليط لجزاء إجرائي على المتهم الغائب وذلك بحرمانه من حقه في الدفاع، هو توجه في غير محله لتعارضه مع مبدأ الشرعية الإجرائية Légalité procédurale – الذي يقابل في أهميتها قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات – كأحد أهم ما يجب أن تحرص عليه الدولة حال تنظيمها للإجراءات الجزائية. ولا يعلل هذا الأمر – على حد قول البعض[12] – إلا لكون الشرعية الإجرائية أداة تنظيم الحريات وحماية حقوق الإنسان ، ولكونها ضمان للتوفيق بين فاعلية العدالة الجزائية واحترام الحرية الشخصية، الشرعية الإجرائية أحد حلقات ثلاث تكون معاً مبدأ الشرعية الذي يسود القانون الجنائي عامة ، وهى بالأحرى حلقة تتوسط شرعية الجرائم والعقوباتLégalité des délits et des peines ، وشرعية التنفيذ العقابي أو شرعية تنفيذ الجزاء الجنائي  Légalité de l’exécution des sanctions pénales ، إلا أنها تظل المقياس الذي يكشف عما إذا كان نشاط السلطة العامة إزاء حقوق وحريات الأفراد يباعد أم لا بينها وبين مفهوم الدولة البوليسية L’Etat de police[13]. وتبنى الشرعية الإجرائية على افترض براءة المتهم Présomption d’innocence في كل إجراء من الإجراءات التي تتخذ قبله منذ البدء في جمع الاستدلالات وحتى استنفاذ طرق الطعن في الأحكام، وذلك من أجل ضمان الحرية الشخصية[14]. كما توجب تلك الشرعية أن يكون القانون هو المصدر الوحيد للإجراءات الجزائية ، وألا يقضي في المادة الجزائية إلا الهيئة التي ناط بها القانون القيام بهذه الوظيفة ووفق صريح أحكامه. فالمشرع وحده – على حد قول محكمة التعقيب الفرنسية – هو الذي يملك تحديد الأحوال والشروط التي يجوز فيها المساس بالحريات الشخصية للأفراد[15]. وبما أن السلطة الوحيدة التي تنظم الاجراءات الجزائية وتضع الجزاءات هي السّلطة التشريعية  وهو ما كان الفصل 34 من دستور 1959 يكرسه صراحة وبقي العمل به قائما وفق أحكام القانون التأسيسي عدد 6 لسنة 2011 المؤرخ في 16/12/2011 المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية، إذ حدد الفصل السادس منه مجال تدخل القانون واعتبر ان الإجراءات أمام مختلف أصناف المحاكم تتطلب قانونا عاديا، وحسب مسودة الدستور فإنه لا تراجع عن قاعدة قانونية الاجراءات الجزائية. فإجراء المحاكمة بمعزل عن محام يدافع عن المتهم إنما يترجم رغبة في توقيع جزاء على الذي يتهرب من تطبيق العدالة[16]

واعتمادا على ما سبق فإن ما جرى عليه عمل القضاء التونسي من تسليط جزاء الحرمان من حق الدفاع على المتهم الغائب ليس في مكانه ويعتبر من باب التزيد و التعسّف على النصوص القانونية. إذ لو أراد المشرع المنع لأقر ذلك صراحة كما فعل المشرع المصري مثلا في المادة (388) من قانون الإجراءات الجنائية التي تحظر صراحة حضور من يدافع أو ينوب عن المتهم في جناية متى كان غائباً ونصها: » لا يجوز لأحد أن يحضر أمام المحكمة ليدافع أو ينوب عن المتهم الغائب… ».

وقد كان حضور المتهم شخصيّا أمام المحكمة الجنائية، مبدأ لا استثناء عليه في فرنسا، كما أن حضوره الشخصي أمام محكمة الجنح و المخالفات أمرا ضروريا في بعض الحالات فلا يجوز في حالة الغياب إنابة محامي للدفاع [17]، و هو ما جعل فقه القضاء لمدة عقود مستقرا على منع المحامي من الترافع عن المتهم الغائب.

فالقاعدة في القانون الفرنسي هي الحضور الشخصي للمتهم و ترد على هذه القاعدة استثناءين: الأول، نص عليه الفصل 410 م أ ج فرنسية والمتمثل في تقديم المتهم عذر مقبول للمحكمة التي استدعته للمثول أمامها، والاستثناء الثاني بالفصل 411 من نفس المجلة عندما تكون العقوبة المستوجبة الخطية أو السجن لأقل من سنتين فبإمكان المتهم أن يطلب كتابة من رئيس المحكمة – بخطاب يوجه إليه و يرفق بالمحضر- إجراء المحاكمة في غيابه و تتمتع في ذلك بسلطة تقديرية كاملة، فإذا وافقت يقع سماع محامي المتهم أما إذا رفضت يعاد استدعاء المتهم للحضور بجلسة أخرى و في كلتا الحالتين يحكم على المتهم حضوريا رغم غيابه. فلا يمكن للمحامي بصفة مبدئية الترافع في حق منوبه الغائب أمام المجالس الجناحية الفرنسية إلا بتوفر إحدى الشروط المنصوص عليها بالفصلين 410 و 411 من م أ ج فرنسية [18].

إلا انّه و بصدور قرارات هامة عن المحكمة الأوروبية خاصة قرار Van Pelt الصادر بتاريخ 23 ماي 2000[19] الذي جاء فيه أن « مجرد عدم حضور المتهم رغم استدعائه و لو بدون عذر لا يبرر حرمانه من حقه في إنابة محامي للدفاع عنه، وهو ما نص عليه الفصل السادس الفقرة الثالثة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان[20]. وأكّدت المحكمة الأوروبية على ضرورة إكساء هذا الإجـراء الصبغـة العمليـة وضرورة احترامه من طرف المحاكم لضمان توفيـر خصائـص المحاكمـة العـادلة والحرص على تمكين المحامي الحاضر بالجلسة من الدفاع عن موكله الغائب.[21] و بصدور هذا القرار عدل فقه القضاء الفرنسي عن موقفه فصدر بتاريخ 2 مارس 2001 قرار مبدئي عن محكمة التعقيب المعروف بقرار Dontico  وجاء فيه: « أن الحق في محاكمة عادلة و حق كل متهم في الاستعانة بمحام يتعارض مع محاكمة المظنون فيه الغائب دون عذر، دون سماع محاميه الذي حضر بالجلسة للدفاع عنه بقطع النظر عن العقوبة التي تستوجبها الجريمة المقترفة من جانب المتهم »[22]. فهذا التوجه أكثر وضوحا وأوفر ضمانات مما كانت عليه إجراءات الدفاع عن المتهم في جنحة الغائب قبل 2 مارس 2001. فإجراءات الدفاع عن المتهم الغائب في القانون الفرنسي إلى حد 2004 تتميز بالتفرقة بين الغياب في مادة الجنح و المخالفاتLe Défaut  و الغياب في مادة الجنايات La contumace .[23] فقد كان جزاء الغياب في مادة الجنح و المخالفات يترتب عليه صدور حكم حضوري رغم غياب المتهم، أما في مادة الجنايات فغياب المتهم يضعه خارج حماية القانون «La mise hors la loi » و ذلك لدفعه على الحضور.[24] إلا ان قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، فرضت على فرنسا إعادة هيكلة نظام إجراءات الدفاع عن المتهم الغائب في مادة الجنايات من خلالها قرارها الصادر في 13 فيفري 2001 والمعروف بقرار CEDH KROMBAC  اعتبرت انه  » حق كل متهم في أن يدافع عنه فعليا محام، يمثل عنصرا من العناصر الأساسية للمحاكمة العادلة »[25]. وبصدور هذا القرار بادر المشرع الفرنسي بسن قانون 9 مارس 2004 الذي الغي بمقتضاه نصوص القانون الإجرائي القديم الخاص بـ La contumace المنظمة بالفصول 627 و ما بعدها من م أ ج فرنسية قديم، و كرس قواعد جيدة خاصة بـLe défaut criminal  متراجعا بذلك عن إجراءات الصد الذي استقر عمل المحاكم على تطبيقه و إرساء نظام جديد تضمن للمتهم حقوقه في الدفاع، وهو ما أقرته الاتفاقية الأوروبية بالفصل 6 فقرة ثالثة. ونص بالفصل 379 فقرة ثالثة على ضرورة الاستعانة بمحام للدفاع عن المتهم الغائب، كما انه تخلى على اعتماد التقارير الكتابية التي يقدمها المحامي أثناء جلسة المرافعة و اقر تبعا لذلك اعتماد التقارير الكتابية و الشفوية لإبداء الدفوع و الطلبات باعتبار أن بعضها يتمم بعض في جلسة المرافعة.[26]

وبالرجوع الى القانون التونسي وبما أنه من المفترض أن القضاء على رأس المخاطبين باحترام الشرعية الإجرائية، بل هو الضامن لها، بما يوجب عليه التيقن من أن الإجراء الماس بحريات الأفراد – والمزمع اتخاذه قبل أحدهم – قد توافرت بشأنه الشروط والضوابط التي تقررها القواعد القانونية. فاحترام الحريات الشخصية للأفراد هو استكمال لهيكل دولة القانون التي ينظر فيها للإجراءات الجزائية كأحد آليات حماية حقوق الإنسان، ويلتزم فيها القضاء بكافة عناصر وأركان الشرعية الإجرائية، وبقاعدة أن القانون هو المصدر الوحيد للإجراءات الجزائية وبالتالي فإن ما استقر عليه القضاء من منع الدفاع عن المتهم الغائب هو توجه غير سليم ويعد إخلالا بالإجراءات الأساسية، إلا إذا كان تأويل النصوص الحالية يسمح بتسليط هذا الجزاء.

ب – تأويل النصوص

استقر فقه القضاء بالنسبة للجنح المعاقب عليها بالسّجن وكذلك بالنسبة للجنايات و رغم غياب نصّ تشريعي صريح يمنع المحامي من الترافع عن المتّهم الغائب، فقد إستقرّ العمل لدى سائر المحاكم على عدم تمكين المحامي من الترافع فيكتفي بتسجيل حضوره، وقد فسّر هذا الاتجاه اعتمادا على صياغة الفصل 143 م.إ.ج الذي ينظم أعمال الجلسة ويرتّب إعطاء الكلمة لأطراف القضيّة فتكون البداية للشاكي، إذا كان حاضرا و لم يكن قائما بالحقّ الشّخصي ثمّ الشّهود والخبراء وبعد ذلك يقع إستنطاق المضنون فيه ثمّ تعطى الكلمة للمسئول المدني ثمّ القائم بالحقّ الشخصي، وبعد ذلك يقدّم ممثّل النيابة العموميّة طلباته وفي الأخير تعطى الكلمة لمحامي المتّهم. وهو ما دفع البعض إلى الإستنتاج من هذا الترتيب في إعطاء الكلمة إلى أنّ المحامي لا يترافع إلاّ إذا كان المتّهم حاضرا ما دام المشرّع قد  نصّ على إستنطاق المتّهم قبل إعطاء الكلمة للمحامي.  غير أنّ هذا التأويل غير مقنع » لسببين  « أوّلهما أنّه لا وجود لأيّ نصّ صريح يحجّر على المحامي الترافع على المتّهم الغائب كما جاء سابقا–و- ثانيهما أنّ في المادّة الجزائيّة لا يمكن إعتماد الإستنتاج في تأويل النّصوص وخاصّة وأنّ حقّ الدّفاع هو من الحقوق الأساسيّة للمتّهم الّتي ضمنها الدّستور » . وبما أنه يفترض في القضاء أن لا يباشر سلطته خارج سياج القانون، بل يرتبط عمله ارتباطاً عضوياً مع الأهداف العامة للإجراءات الجزائية في كشف الحقيقة من أجل إنزال العقاب.  وهناك حدوداً تقف عندها السلطة القضائية، تلك الحدود متمثلة في حماية الحقوق الأساسية للإنسان. وهنا تظهر ضرورة الالتزام بالشرعية الإجرائية، بحسبانها الأداة التي ترسم بوضوح الدور الذي يباشره القضاء ، والحدود التي تفصل العمل المنوط به عن المساس بالحقوق والحريات الفردية[27]. 

وبمراجعة الشرعية النصية التي تحكم عمل القضاء بالنسبة لمحاكمة المتهم الغائب في مجلة الاجراءات الجزائية يستبين لنا ما يلي:

*- يميز الفصل 141 بين أمرين هما:

1- الحضور الشخصي

2- انابة المحامي

وكل منهما مستقل عن الآخر بدليل انه في الحالات التي يجوز فيها حضور المحامي دون المتهم بإمكان المحكمة ان تأذن بحضور المتهم شخصيا.

بل أكثر من هذا فإن الدوائر الجنائية تعمل على تسخير محام للدفاع عن المتهم ولو كان غائبا، ثم تكتفي بتسجيل حضوره وتمنعه من ممارسة حق الدفاع. فهناك تناقض بين إقرار حق المتهم في الاستعانة بمحام للدّفاع عنه حتّى في صورة عدم حضوره بالجلسة، وبين منع المحامي من القيام بواجبه في المرافعة، بل إن في تسخير محام للدفاع عن متهم غائب ثم منعه من القيام بواجبه إهدار للمال العام، فما فائدة تسخير محام سيكتفي بتسجيل حضوره؟!.

*- الفقرة الثالثة من الفصل 141 م ا ج تنص صراحة على أنه: » وإذا لم يحضر المظنون فيه بعد استدعائه قانونا أو لم يحضر نائبه في الصور المبينة بالفقرة الثانية أعلاه جاز للمحكمة أن لا تتوقف على ذلك لمباشرة المرافعة وأن تصدر عليه حكما غيابيا إذا لم يبلغه الاستدعاء شخصيا، أو حكما يعتبر حضوريا إذا بلغه الاستدعاء شخصيا ». فالنص واضح وصريح في أن غياب المتهم لا يمنع من مباشرة المرافعة، وطالما أن عبارة  » جاز للمحكمة أن لا تتوقف على ذلك لمباشرة المرافعة » جاءت مطلقة فتأخذ على إطلاقها في حق كل المتهمين الحاضر منهم (ولو لم يحضر محاميه) والغائب الذي حضر محاميه.

*- الفصل 143 فقرة 11 ينص على: » وفي الختام تعطى الكلمة لنواب المظنون فيه والمسؤول مدنيا. » فالمشرع لم يقل لنواب المظنون فيه الحاضر… ومرة أخرى إذا كانت عبارة القانون مطلقة تؤخذ على إطلاقها.

*- يسمح الفصل 147 بإمكانية إبعاد المظنون فيه عن الجلسة عندما يثير بها ما يشوش المرافعة ويستمر سير المرافعة في مغيبه والحكم الذي يصدر يعتبر حضوريا ويعلمه به كاتب المحكمة. أي أن الإبعاد الظرفي للمتهم من قاعة الجلسة لا يحول دون قيام محاميه بواجب الدفاع والمرافعة في حقه. كما أن من للمتهم الحق في الصمت[28] ورفض الاجابة على الاسئلة الموجهة اليه، وهو ما يمكن وصفه بـ « الغياب الاعتباري » عن المحاكمة رغم الحضور المادي في قاعة الجلسة، وهذا « الغياب الاعتباري » لا يحول قانونا دون قيام المحامي بواجبه في الترافع عن منوبه الصامت.

ماذا نستنج من جملة ما سبق؟

إنّ الموقف السلبي الذي تتخذه المحاكم التّونسيّة بعدم السماح للمحامي بالترافع عن المتّهم الغائب الواقع تتبّعه من أجل جناية أو جنحة تستوجب عقابا سالبا للحريّة ناتجا عن تأويل سلبي للنصوص بالتوسع فيها ضد مصلحة المتهم الشرعية، وناتج عن الخلط بين مبدأين متكاملين أقرهما المشرع ضمانا لمصلحة المتهم، المبدأ الأول هو « مبدأ حضورية المتهم »، والمبدأ الثاني هو « مبدأ حق الاستعانة بمحام » وهما متكاملين لا متلازمين، بمعنى أنهما معا يكونان حق الدفاع، ولكن يمكن للمتهم ان يختار الدفاع عن نفسه شخصيا، وهذا جائز بالنسبة للمخالفات والجنح، وغير جائز بالنسبة للجنايات إذ أن نيابة المحامي وجوبية والحضور وجوبيا، فإن حضر المتهم ومحاميه اكتمل حق الدفاع بوجهيه، أما إذا غاب متهم وحضر محاميه بقي حق الدفاع قائما وعاملا بواسطة المحامي، وجزاء غياب المتهم هو أن يصدر في حقه حكم غيابي.

إذ يجب التمييز حسب الفصول السابقة بين أمرين:

–       حق المتهم في الدفاع عن نفسه شخصيا. « مبدأ الحضورية ».

–       حق المتهم في جناية بأن يكون معه وجوبا محام يدافع عنه وإن كان غائبا. »حق الاستعانة بمحام ».

فالمشرع وإن أوجب حضور المتهم أثناء المحاكمة فذلك لضمان حقه الأصيل في الدفاع عن نفسه بصفة شخصية، وتدعيما لهذا الحق فرض في الجنايات وجوبية أن يستعين في دفاعه بمحام، فإذا ما تخلى المتهم عن حقه الشخصي في الدفاع عن نفسه يبقى حقه بالاستعانة بمحام يدافع عنه قائما طالما لم يوجد نص صريح يحرمه هذا الحق، الذي يعتبر من حقوقه الأساسية التي تسمو على أي اعتبارات أخرى.

الجزء الثاني- سمو حق الدفاع:

يبدو أن موقف القضاء المتمثل في حرمان محامي المتهم الغائب من المرافعة ناتج عن تجاهل لحقيقة دور الدفاع (ب)، وهو متعارض بالضرورة مع ضمانات المحاكمة العادلة(أ).

أ- متطلبات المحاكمة العادلة

أن ضمانة حق الدفاع هي ركن جوهري وركيزة أساسية فى المحاكمة العادلة التى يتطلبها الفصل فى كل اتهام وخاصة الاتهام الجنائي تقديراً بأن صون النظام الاجتماعي ينافيه أن تكون القواعد التي تقررها الدولة في مجال الفصل في هذا الاتهام مصادمة للمفهوم الصحيح لإدارة العدالة الجنائية إدارة فعالة ، وانطلاقا من أن إنكار ضمانة الدفاع أو فرض قيود تحد منها إنما يخل بالقواعد المبدئية التي تقوم عليها المحاكمة العادلة، والتي تعكس نظاماً متكامل الملامح يتوخى صون كرامة الإنسان وحماية حقوقه الأساسية ، فإنكار ضمانة الدفاع أو حتى مجرد فرض قيود تحد منها يخل بقواعد المحاكمة العادلة التي كفلها الدستور وينال من أصل البراءة، الذي يعد السياج الدستوري الذي يجب أن تدور داخله الإجراءات والقواعد القانونية، حيث أن حظر حضور من يدافع عن المتهم حفاظاً على حقوقه والزود عنه يخالف افتراض البراءة الذي كفله الدستور ، فالمتهم هو شخص برئ يجب معاملته مثلما يعامل الأبرياء، ومن ثم فإن الأصل هو تمتعه بجميع الحقوق والحريات التي كفلها الدستور ونظمها القانون، ويسرى ذلك بالنسبة إلى جميع أنواع الجرائم، وينطبق على كل الإجراءات الجزائية المتعلقة بالجريمة.

وحرمان المتهم في جناية الغائب عن المحاكمة من حضور من يدافع أو ينوب عنه أمام المحكمة ينبئ عن افتراضها توافر حالة في هذا المتهم تحمل على معاملته معاملة خاصة ، وتتضمن نوعاً من محاولة جبر المتهم على حضور المحاكمة لنفي الاتهام عنه، رغم أنه من القواعد المستقرة عليها إعمالاً لأصل البراءة أن المتهم غير ملتزم بإثبات براءاته، فعبء إثبات التهمة يقع على النيابة العامة باعتبارها ممثلة الحق العام، دون أن تجشم المتهم عبء إثبات البراءة، فهذه البراءة أمر مفترض، ولا محل لإثباتها أمام المحكمة من قبل المتهم. وطالما ان المتهم كأصل ثابت برئ حتى تثبت إدانته ليس بحكم قضائي فحسب، بل بحكم قضائي بات، فكيف يستقيم إذاً القول بعدم جواز حضور من يدافع أو ينوب عنه أمام المحكمة متى كان غائباً، فحضور المتهم أو غيابه لا يغير من أصل البراءة المفترض في حقه، فالمتهم وإن كان غائباً عن المحاكمة إلا أنه ما زال بريئاً ولا يجوز المحاجة في ذلك إلا بحكم قضائى بات، وما جرى عليه عمل القضاء يحد من هذا الأصل بل ينكره إن صح التعبير، مما يصمه بمخالفة قاعدة دستورية، وكذلك مخالفته لأحكام المواثيق والمعاهدات الدولية المصادق عليها. وأخيراً فإن تمييز قانون الإجراءات الجزائية نفسه بين معاملة المتهم الغائب في مخالفة أوجنحة لا تستوجب عقابا سجنيا بإقراره حق حضور من يدافع عنه، ثم إنكاره لهذا الحق في حالة غيابه عن الحضور وحضور وكيل عنه إذا كان متهماً في جنحة تستوجب عقابا سجنيا أو جناية يعد ذلك افتئاتاً إضافيا على أصل البراءة وإخلالا به، فالمتهم في الحالتين يتمتع بذات المركز القانوني وهو افتراض براءته، وحضور من يدافع أو ينوب عنه أمام المحكمة يعد من النتائج المترتبة على هذا الأصل، والقول بغير ذلك فيه إنكار لحق البراءة وإنقاص من إعماله وفعاليته.

فالمتهم له الحرية الكاملة في اختيار وسائل دفاعه وما تحيط به نفسه من عوامل الخوف والحرص والحذر وغيرها من العوارض الطبيعية لضعف النفوس البشرية. خاصة ونحن نشهد أفراطا وتجاوزات في إصدار بطاقات الإيداع، أو حتى الحكم بالنفاذ العاجل دون موجب واضح، كما أن إلزام المتهم الحاضر بالبقاء إلى حين التصريح بالحكم وتنفيذ الحكم في حقه فورا، يدفع بالعديد من المتهمين إلى الغياب عن المحاكمة أو على الأقل الغياب عن جلسة النطق بالحكم.

إن حق المتهم في الدفاع عن نفسه يعلو على حق الهيئة الاجتماعية التي لا يضيرها تبرئة مذنب بقدر ما يؤذيها إدانة برئ[29]. و »مسلك المتهم في الدفاع عن نفسه بكل السبل لا يصح اتخاذه دليلا على قيام موجب المسئولية في حقه »[30]. والمحاكمة الجزائية العادلة حق لكل متهم بصرف النظر عما إذا كان حاضرا أم غائبا، ثم إن الحكم الغيابي يشكل في حد ذاته عقابا للمظنون فيه فلا يجوز إضافة عقابا آخر و ذلك بحرمانه من حق الدفاع بواسطة محامي الذي قد يكون له فضل في كشف الحقيقة و إنارة سبيل العدالة[31]

ب- حقيقة دور الدفاع

تقديراً بأن صون النظام الاجتماعي ينافيه أن تكون القواعد التي تقررها الدولة في مجال الفصل في هذا الاتهام مصادمة للمفهوم الصحيح لإدارة العدالة الجزائية إدارة فعالة، وانطلاقا من أن إنكار ضمانة الدفاع أو فرض قيود تحد منها إنما يخل بالقواعد المبدئية التي تقوم عليها المحاكمة العادلة ، والتي تعكس نظاماً متكامل الملامح يتوخى صون  كرامة الإنسان وحماية حقوقه الأساسية فضمانة الدفاع ليست ترفاً يمكن التجاوز عنه ، والتعلق بأهدابها الشكلية دون تعمق لحقائقها الموضوعية يعتبر إنكاراً لمضمون الحق مصادماً لمعنى العدالة منافياً لمتطلباتها، ومن ثم لا يجوز حتى للسلطة التشريعية بما تصدره من تشريعات إهدار هذا الحق أو الانتقاص منه بما يعطل فعاليته أو يحد منها ، فإنكار ضمانة الدفاع أو تقييدها بما يخرجها عن الأغراض المقصودة منها ، إنما يؤول في أغلب صوره إلي إسقاط الضمانة التي تكفلها الدساتير والمواثيق الدولية لكل شخص. الأمر الذي يعني أن حق الدفاع أضحى مستقراً كحقيقة مبدئية لا يمكن التفريط فيها أو مجرد الحد منها.

ولقد كرس حق الدفاع صراحة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الحادية والعشرين بتاريخ 16 كانون الأول سنة 1966 وانضمت إليه تونس اذ ان المادة 14 فقرتها 3 من العهد المذكور قد أقرت صراحة حق كل متهم بالتمتع بضمانات دنيا، أهمها إعلامه بطبيعة التهمة الموجهة اليه ومحاكمته حضوريا » وتمكينه من الدفاع عن نفسه بنفسه او بواسطة مدافع يختاره لذلك.

ويمكن القول أن المحامي ليس نائبا عن المتهم فقط، بل هو بالأساس معاون للقضاء ودوره يتجاوز مجرد الدفاع الأعمى عن براءة منوبه ليصل إلى حد ضمان محاكمة عادلة ونزيهة تسمح بكشف الحقيقة وتجنب إدانة بريء. وقد نص الفصل الأول من مرسوم عدد 79 لسنة 2011 مؤرخ في 20 أوت 2011 يتعلق بتنظيم مهنة المحاماة، على أن: « المحاماة مهنة حرة مستقلة تشارك في إقامة العدل وتدافع عن الحريات والحقوق الإنسانية »…. فهل من الحكمة أن يمنع الشريك من ممارسة واجبه بحجة أن منوبه غائب؟

لقد أثبتت التجارب أن للمحامي دورا هاما في كشف الحقيقة من خلال ما يقدمه للمحكمة من أدلة تنفي التهمة عن منوبه أو تستوجب تخفيف العقاب في حقه، لهذا فإن منع المحامي من المرافعة لا لشيء إلا لأن منوبه غائب عن المحاكمة هو في الحقيقة منع لوجه من أوجه الحقيقة وشل لساعد من سواعد القضاء.

كما أن المنع الذي يمارسه القضاء اليوم هو منع أعمى لا يميز بين مبررات الغياب، ففي عديد الحالات يكون غياب المتهم قهريا خارجا عن إرادته إما بسبب مرض جعله طريح الفراش، أو عاجزا عن الحركة أو الكلام، أو لارتباطه مثلا باستحقاقات لا يمكن له تأجيلها خاصة إذا كان مقيما في الخارج، وكم شهدت ساحات المحاكمة من تأجيل لمحاكمات أو صدور لأحكام غيابية لا لشيء إلا لأن المتهم عاجز عن الحضور شخصيا، ورغم أنه كلف محاميا للدفاع عنه، وكثيرا ما يكون التأجيل على حساب متهم أخر موقوف، وعلى حساب مصلحة المتضرر.

      إن حقّ الدّفاع ليس من حقوق المتّهم وحده، بل أنّه يدخل ضمن حقوق المجتمع أيضا باعتباره أحد العوامل المساعدة على كشف الحقيقة حرصا على أن لا يدان بريء وأن لا يفلت مجرم من عقاب يستحقّه. وهو ما يدعّم أهميّة حقّ المتّهم في الاستعانة بمحام للتّرافع عنه حتّى في صورة غيابه عن جلسة المحاكمة.

ختاما، يمكن القول إن كثرة الأحكام الغيابية لا تخدم حقوق الدولة والمجتمع من جهة ولا تضمن حقوق الضحية والمتهم من جهة أخرى، ومع إيماني بأن الحضور الشخصي للمتهم يبقى أساس المحاكمة الجزائية وعماد عدالتها، فدفاع المتهم عن نفسه بنفسه و رغم جهله فن المرافعة و إجراءات الدعوى، يترك صدى طيبا لدى القاضي الجزائي. كما أن الآثار التي ينتجها الحضور بالجلسة لا يقتصر على حقوق الدفاع بما أنه يؤثر بصفة مباشرة على طبيعة الأحكام الصادرة. فإني أمل من خلال هذا التحليل واستئناسا بما ذهب إليه القانون وفقه القضاء المقارن، أن يعدل فقه القضاء عن موقفه في منع الدفاع عن المتهم الغائب وأن يسمح للمحامي بالترافع عن المتهم الغائب، ولما لا أن يقوم المشرع بتعديل بعض فصول مجلة الإجراءات الجزائية لتجنب كل تأويل خاطئ، ولتعديل وصف الحكم الصادر في حق متهم غائب قام بتكليف محام للدفاع عنه واعتباره حكما حضوريا بالاعتبار.

________________________

[1]- الفقرة الثالثة من الفصل 141 م ا ج: « وإذا لم يحضر المظنون فيه بعد استدعائه قانونا أو لم يحضر نائبه في الصور المبينة بالفقرة الثانية أعلاه جاز للمحكمة أن لا تتوقف على ذلك لمباشرة المرافعة وأن تصدر عليه حكما غيابيا إذا لم يبلغه الاستدعاء شخصيا، أو حكما يعتبر حضوريا إذا بلغه الاستدعاء شخصيا ».

[2]- أنظر الفصول: 175 و181 و213 و262 م ا ج.

[3]- ورد بالفصل 82 من مجلة الأحوال الشخصية أنه « إذا فقد الشخص في وقت الحرب أو في حالات استثنائية يغلب فيها الموت فإن الحاكم يضرب أجلا لا يتجاوز العامين للبحث عنه ثم يحكم بفقدانه وإذا فقد الشخص في غير تلك الحالات فيفوض أمر المدة التي يحكم بموت المفقود بعدها الى الحاكم بعد التحري بكل الطرق الموصلة الى معرفة إن كان المفقود حيا أو ميتا ». انظر حول الغياب المدني: محمد كمال شرف الدين، القانون المدني، المطبعة الرسمية للجمهورية التونسية. الطبعة الأولى.2002. ص.186 وما بعدها. و لبيب بوليلة,الفقدان، مذكرة دراسات معمقة  كلية الحقوق والعلوم السياسية  تونس.1999-2000. وكمال الداودي, الغياب في القانون المدني التونسي, مذكرة دراسات معمقة كلية الحقوق والعلوم السياسية  تونس1997.  وبسمة عمار, الموت في القانون المدني التونسي, مذكرة دراسات معمقة كلية العلوم القانونية والسياسية  تونس1 -1994-1995. و يتّحد القانون الجزائي مع القانون المدني في أن غياب المدعى عليه في الدعوى المدنية لا يمنع المحكمة من مواصلة النظر فيها وحسب أوراقها ولكن بشرط أن يكون قد تم استدعاؤه بصفة قانونية.

[4]- أنظر مثلا: – قرار تعقيبي جزائي عدد5657 مؤرخ في 24 اكتوبر1981 ن م ت 1981ص178. »إذا ما حضر المتهم بالجلسة و أجاب عن التهمة الموجهة إليه بالإنذار و تغيب عن الجلسة الموالية فلا يسوغ عندئذ لمحاميه المرافعة فيها سواء في الدعوى العامة أو الدعوى الخاصة المؤسسة عليها »

[5]- قرار تعقيبي جزائي عدد9503 مؤرخ في 20 جويلية1983، ن م ت سنة1984ص67.

[6]- قرار تعقيبي جزائي عدد31757 مؤرخ في 14 ديسمبر1989 ن م ت 1989ص.22

[7]-  قرار تعقيبي جزائي عدد 21761 ( غير منشور) مؤرخ في 3 جانفي 2008. مذكور في ملحق مذكرة حسن سعيداني، حضور المتهم بالجلسة. كلية الحقوق و العلوم السياسية بتونس. 2008- 2009. الملحق عدد2

[8]- ابتسام الجواني، ضمانات المتهم الغائب في في المحاكمة الجزائية، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق، كلية الحقوق بتونس2007 – 2008.

[9]- محمد المناعي، الدفوع و الطلبات أمام القاضي الجزائي، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق، كلية الحقوق بتونس 2004-2005.

[10] عبد الله الأحمدي، المحاكمة العادلة في المادة الجزائية، بداخلة بمناسبة ملتقى العدالة الجزائية: أي تطور؟ جندوبة- طبرقة مارس 2007 ص91. عبد الله الأحمدي: المحاكمة العادلة. م ق ت عدد 3. 2007.

[11]- ابتسام الجواني، ضمانات المتهم الغائب في المحاكمة الجزائية، مرجع سابق ص65.

[12] د. أحمد فتحي سرور ، الشرعية والإجراءات الجنائية ، دار النهضة العربية ، 1977 ، وخاصة ص106 وما بعدها ، ولذات المؤلف ، الدستور والقانون الجنائي ، دار النهضة العربية ، 1992 ، ص127-128.

[13] د. أحمد فتحي سرور ، المرجع السابق ، ص11 وما بعدها.

[14] كما توجب تلك الشرعية بأن يكون القانون هو مصدر الإجراءات الجنائية ، وألا يقضي في المواد الجنائية إلا الهيئة التي ناط بها القانون القيام بهذه الوظيفة. لذا تقرر المادة 167 من الدستور أن القانون هو الذي يحدد الهيئات القضائية واختصاصاتها وينظم طريقة تشكيلها ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم. وكذا توجب الشرعية الإجرائية ألا يحرم المتهم من المحاكمة أمام قاضيه الطبيعي (م. 68 من الدستور) ، وألا يدان شخص إلا بعد دعوى تراعى فيها الإجراءات والضمانات التي قررها المشرع وتحت إشراف القضاء.

[15]  Cass. Crim. 1er janv. 1956, D. 1956, p. 365.

[16] -Merle( R ) et Vitu ( A ), Traité de droit criminel, p 687 « Toutes les règles de jugement qu’on vient de décrire traduisent bien l’hostilité que le législateur témoigne à celui qui fuit de la justice criminelle en le prive des garanties qu’elle pourrait lui offrir »

[17] – Cass crim 29 octobre 1970, Bull crim n°284 « Le prévenu régulièrement cité à personne doit être jugé contradictoirement en son absence dans ce cas son défenseur ne saurait être entendu »

[18] -Domnique Noelle Commaret, La défense du prévenu absent, RSC oct,dec 2003 n°4.

[19] – R. Dalloz, 29 Mars 2001, n°13, p1061.

– Voir aussi Flaurence Massias, chronique internationale  RSC Avr, juin 2001 p 431.

[20] دخلت هذه الاتفاقية حيز النفاذ في 3 سبتمبر 1953. وقد تم تعديل تلك الاتفاقية بالعديد من البروتوكولات ، كان أخرها البرتوكول رقم 12 الصادر في روما في الرابع من نوفمبر عام 2000. راجع لمزيد من التفصيل حول تلك الاتفاقية وتعديلاتها ، موقع وزارة العدل الفرنسية على الشبكة الدولية للمعلومات (الانترنت) WWW.justice.gouv.fr ولقد تكفلت الفقرة الثالثة من الاتفاقية في فقرتها الثالثة بالنص على العديد من الحقوق الأخرى المقررة للمتهم ، ومنها حقه في الإحاطة بالتهمة الموجهة له بشكل مفصل وباللغة التي يفهمها وفي أقرب وقت ممكن être informé, dans le plus court délai, dans une langue qu’il comprend et d’une manière détaillée, de la nature et de la cause de l’accusation portée contre lui.. كما يجب أن يمنح المتهم الوقت الكافي والتسهيلات الضرورية لتحضير دفاعه disposer du temps et des facilités nécessaires à la préparation de sa défense.. كما له الحق في الدفاع بنفسه ، أو أن يختار مدافعاً عنه ، بل يندب له محامياً بالمجان إن لم يكن يملك الوسائل الكافية لتوكيل مدافعاً عنه ، وإذا كانت مصلحة العدالة تقتضي ذلك se défendre lui-même ou avoir l’assistance d’un défenseur de son choix et, s’il n’a pas les moyens de rémunérer un défenseur, pouvoir être assisté gratuitement par un avocat d’office, lorsque les intérêts de la justice l’exigent ;. كما أن للمتهم أن يسأل الشهود الإثبات ، كما له حق طلب إحضار شهود النفي بذات الشروط المقررة بالنسبة لشهود الإثبات interroger ou faire interroger les témoins à charge et obtenir la convocation et l’interrogation des témoins à décharge dans les mêmes conditions que les témoins à charge ;. كما أن للمتهم حق الاستعانة مجاناً بمترجم ، إذا لم يكن بوسعه الفهم أو التحدث باللغة المستعملة بالجلسة se faire assister gratuitement d’un interprète, s’il ne comprend pas ou ne parle pas la langue employée à l’audience.. راجع بصفة عامة حول الاتفاقيات الأوروبية في مجال حقوق الإنسان ، مولر رابارد ، العدالة الجنائية وحقوق الإنسان : دور المجلس الأوروبي ، تقرير مقدم إلى مؤتمر تدر

Tags: No tags

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *